أخر الاخبار

دور التقويم في تنزيل القانون الإطار 51.17



العربي24-سعيدة الوازي

عرف قطاع التربية والتعليم في المغرب عدة إصلاحات، من بينها الميثاق الوطني للتربية والتكوين والبرنامج الاستعجالي وصولا إلى القانون الإطار 51.17. الهدف من هذه الإصلاحات هو تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص في ولوج المنظومة التربوية، وتكوين مواطن صالح يتحكم في مكتسبات ومعارف ومهارات وقدرات وكفايات تمكنه من الاندماج في الحياة الاجتماعية والسياسية والعملية، وفق متطلبات المجتمعين المغربي والدولي. ويعتبر التقويم أهم محطة من محطات التعلم، والذي يهدف إلى قياس مدى تحكم المتعلمات والمتعلمين فيما اكتسبوه خلال مراحل التعلم. فما هو التقويم؟ وما هي أنواعه؟ وماهي أدواره؟ وكيف سيساهم التقويم في تنزيل القانون الإطار والرؤية الاستراتيجية 2030-2015؟

يعرف التقويم على مستوى الممارسة البيداغوجية بأنه سيرورة منهجية تتوخى تقدير التحصيل الدراسي لشخص معين، وتشخيص صعوبات التعلم التي تعيق تعلمه، وذلك بهدف إصدار الحكم المناسب واتخاذ أفضل القرارات المتعلقة بتخطيط المستقبل الدراسي للمتعلم. ويمكن التقويم، حسب نوعه ودوره، من إصدار حكم على المتعلم(ة)، وعلى مستوى تحصيله(ا)، كما يمكنه(ا) من تحسين مستواه(ا) الدراسي، عن طريق إقرار خطط للدعم المؤسساتي الملائمة حسب نوع التعثر المرصود لديه(ا). وينقسم التقويم إلى ثلاثة أنواع: 

التقويم التشخيصي: والذي يكون قبليا واستباقيا، يهدف إلى قياس مدى تحكم المتعلم(ة) في المكتسبات السابقة، ذات الصلة بالتعلمات الجديدة، المراد اكتسابها. والهدف منه تجاوز مجرد الوصف السطحي للسلوك التعليمي التعلمي إلى تقديم تفسير له. حيث أن دور التقويم هنا هو التحقق من جوانب المضامين التي لا يستوعبها المتعلم(ة) أو يجد صعوبة في استيعابها، أو التحقق من الكفايات التي لا يمتلكها بقدر كاف، حتى يتاح بذلك دعم أشكال التعلم ذات الصلة.

التقويم التكويني: والذي يكون خلال العملية التعليمية التعلمية، كمحطات لقياس مدى تمكن المتعلم(ة) من اكتساب التعلمات الجديدة، ومن قدرته على استعمال الكفايات والمعارف والمهارات بشكل مندمج لحل وضعية مركبة. ويلعب التقويم هنا دوره العلاجي الذي يتوخى اتخاذ التدابير العلاجية أو التصحيحية واستدراك مواطن الخلل والضعف مع تعميق وتعزيز الجوانب الإيجابية.

التقويم الإجمالي: والذي يكون في نهاية محطة تعليمية تعلمية، ويكون الهدف منه إصدار حكم إجمالي على المتعلم(ة)، سواء بكونه يتحكم أو لا في معارف ومهارات وكفايات، أو بكونه نجح أم لا في محطته التعليمية. فدور هذا النوع من التقويم هو تحديد مستوى اكتساب المتعلم للكفايات المسطرة في المنهاج الدراسي واتخاذ القرارات المناسبة، إذ يتم التحقق مما إذا كان المتعلم(ة) متمكنا(ة) من المعارف المتعلقة بالمستوى الدراسي الذي يدرس فيه، ومما إذا كان بإمكانه أن يتابع مرحلة دراسية لاحقة بنجاح.

وقد تم إعطاء مكانة كبيرة للتقويم الدراسي في مشاريع الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 والتي تعتبر آلية لتنزيل مضامين القانون الإطار 51.17، حيث تم تخصيص مشروع كامل، من أصل 18 مشروعا، يعنى بهذا المجال ألا وهو المشروع 12 ويحمل عنوان: " تحسين وتطوير نظام التقويم والدعم المدرسي والامتحانات" والذي ينتمي إلى المجال الثاني ويعنى بالارتقاء بجودة التربية والتكوين. ترتيب المشروع في هذا المجال ليس اعتباطيا بالتأكيد، فنظام التقويم والدعم والامتحانات من مؤشرات الجودة التي تشتغل عليها المنظومة التربوية، والتي تسعى، منذ بدء الإصلاح، إلى تحقيقها. ومن خلال ما قدمناه حول أنواع وأدوار التقويم، يمكننا أن نؤكد على أنه يلعب دورا محوريا في تحقيق جودة المنظومة وتنزيل القانون الإطار، فلو تم التركيز بشكل تربوي وبيداغوجي على القيام بأنواع التقويم بالشكل المطلوب، وبتسطير برامج للدعم التربوي المؤسساتي لتجاوز التعثرات التي تم رصدها، سواء خلال مرحلة التقويم التشخيصي أو التكويني أو الإجمالي، وليس المقصود هنا تقديم برامج للدعم المؤدى عنه خارج الإطار المؤسساتي والتي لا ننصح بها، بل المقصود حصص الدعم التربوي المؤسساتي التي يقدمها الأستاذ(ة) الذي يرافق المتعلم(ة) خلال مراحل العملية التعليمية التعلمية، والذي يعرف جيدا ما يحتاجه هذا المتعلم(ة) وما يمتلكه من معارف ومهارات وكفايات، مما يساعد على تجاوز التعثرات المرصودة في حينه، قبل أن تتراكم مع صعوبات أخرى يصبح معها التحصيل الدراسي متعثرا. 

يعتبر التقويم الدراسي رافعة مهمة في تنزيل القانون الإطار، وذلك لدوره الأساسي في الرفع من مؤشرات جودة المنظومة التربوية، والتي يجب التركيز عليها لتحقيق الغايات الكبرى التي تنشدها المنظومة، وحتى يتمكن المتعلم(ة) من بناء معارفه وكفاياته ومن تجاوز تعثراته بالشكل التربوي والتعليمي السليم.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -