أخر الاخبار

الاعلام المرئي، ويتم البرامج الثقافية في المغرب


العربي24-مريم بنعبرة 

إن كانت الثقافة منتوج رمزي يعبر عن هوية البلد،  وإن كانت  الثقافة تكتسي طبيعة مزدوجة تعمل على إنتاج القيم والمعنى، وعاملا  إقتصاديا له  دوره في الإنتاج و خلق فرص الشغل والحديث عن الصناعة الثقافية، فإنها وعتبارا لهذا أصبحت تعد عاملا و محركا فعالا في التنمية بمختلف أشكالها.

وبهذا فإن تحقيق هذه التنمية الحية و البعيدة عن النمطية، التي تساهم في تشكيل قيم ومعاني السلوك الإجتماعي السليم،  يتطلب وضع بنيات التكامل فيما بين الممارسات الثقافية و الوسائط الإعلامية. بإعتبار الإعلام الأداة الأقرب للجمهور  في تشكيل قيمه و تنشئته. 

لكن نجد حضور الثقافة في برامج تابعة للإعلام المرئي لا يزال متواضعا منذ سنوات، ونتحدث هنا بالخصوص عن الإعلام المغربي الذي يرنو  نحو الاستهلاك عموما أمام المتطلبات اليومية التمويلية. فرغم ضعف القراءة في زمننا الحاضر، تتراجع الثقافة بدورها في الإعلام بحثا عن نسب المشاهدة، مع كثرة برامج الترفيه التي تجذب الكثير من نسب المشاهدة ممزوجة بكثرة الإعلانات و الوصلات الإشهارية،  و ناذرا ما نجد برنامجا ثقافيا محصورا في بضع دقائق كلمحة برق، بل حتى النشرات الإخبارية نجدها لا تضم بالضرورة خبرا ثقافيا وغالبا ما تكون التقارير الثقافية مواد لإنهاء النشرة تودع بها المشاهد، في حين أن الخدمة العمومية للإعلام تقتضي الإسهام في تنوير الرأي العام و في الرقي بالمستوى المعرفي والثقافي. 

كل هذا يدهبنا الى الإقرار أن الإعلام الثقافي لازال محتشما في الحركية الثقافية بالمغرب، بحيث علاوة على التراكم والدينامية الثقافية المتواضعة قبل ظهور الإنترنت الذي  قد أسهم بشكل وافر وملحوظ في خلق عديد من المجالات والممارسات الثقافية التي انتقلت من اشتغالها في الفضاء الإفتراضي إلى تصريف أنشطتها على أرض الواقع محققة بذلك حلمها في إثبات كينونتها الواقعية، الا أنه تظل هذه الدينامية مقصرة، و يجب الجزم بأن هناك غيابا لإعلام ثقافي رقمي متخصص  كالمواقع ومجلات إلكترونية تضع ضمن أولوياتها الإعلامية الإهتمام بالدرجة الأولى بتداول الشأن الثقافي ونشر أخباره والإحتفاء بمختلف تجليات الإبداع والنقد الأدبي والإنتاج العلمي والفكري.

كما يرجع أيضا هذا الحضور اليتيم للمادة الثقافية داخل المؤسسات الاعلامية، وغياب سياسة ثقافية،  إلى عدم اهتمام المتلقي بالمادة الثقافية، وفقر المردود المادي من ناحية الإعلانات ودعم البرامج الثقافية. بالإضافة الى ما هو مرتبط بجودة المادة الثقافية وافتقارها للشكل الجذاب، وعدم تسويقها بما يراعي متطلبات الإعلام، كما يعود هذا التقصير إلى نقص في المتخصصين في الإعلام الثقافي. وما يليها من غياب إرادة المؤسسات الصحافية، والتكوين الصحفي المشتغل بالمجال وإرادة الإدارات المؤسساتية الثقافية.

وفي غياب ذلك أيضا يقتصر دور الأوساط الإعلامية على إعادة نشر ما أنجز سابقا بطريقة سيئة و ضعيفة تفتقر إلى الإبداعية،  دون رسم الخطط والاستراتيجيات الكفيلة في نشر الثقافة وبناء علاقة تكاملية مع الوسائط الإعلامية.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -