العربي24-عبد الرحمن جعفر الكناني
يضعنا الفن أمام تساؤل : هل يتعالى صرح الجمال بمضمون شكل دنيوي، أم يتجلى في علاه بتأمل صوفي ؟
هل نرى الحقيقة بالعين .. أم بقدرة العقل الباطن؟؟
عملية البناء التشكيلي في عالم صوفي لا تسلك مسارات النشوة لبلوغ أوج ذروتها، فالصوفية إن لم تكن في الرؤية الإسلامية مذهبًا له شرائعه وأحكامه، فهي مذهب في المبدأ الجمالي المعاصر، يجسد رؤاه بأدوات الفن الحديث في الفنون والموسيقى والتشكيل والمسرح، رغبة في الإرتقاء لمقام الرؤيا الأعلى في:
“أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”
لتنتهي المسارات برؤاها الجمالية المتصوفة عند الله جل وعلا، إثر بلوغ أعلى مراحل النقاء، يصل إلى الله عبر مخاض شخصي ذاتي بعيدا عن قوانين فكر وضعي، نفس تتربى على قيم السماء، وقلب يتطهر من الدنس الوضعي. وتضحى الصوفية التي تتجلى في “حروفيات عربية” تزكية لفعل ذاتي، صار له شكلا في أبجدية لغوية، تحاكي الصفاء المنشود.
وتمتد الحروفيات في عمق الكون الخارجي مجسدة الروح الصوفية في التعاطي مع التقنيات التشكيلية، الخالقة لأشكال بصرية بمضامين غيبية ، في فلسفة تجريدية، يرى فيها التجريدي الأشياء كما لا يراها أحد.
والتجربة الصوفية أنتجت مخلوقات جمالية تلتقي بأبعاد، يتسامى فيه الخط العربي إلى بصيرة تجسدها دلالات فنية لفك رموز صوفية أفرزتها ذات عقائدية اعتادت أن تمارس طقوسها في فرائض يومية تحت قبة السماوات العلا.
أخذ الحرف العربي خصائصه الجمالية في مبدإ المطلق “ثابت .. لا يخضع لاستثناءات دنيوية”، وصاغ مبادئ مذهب فني يوظف حروفه الأبجدية في إنجاز مكونات تطلق المعنى الغيبي المقدس في امتدادات حروفية، تؤسس نوعا مغايرا لمشهد بصري يحاكي واقعا مرئيا لا يرتقي إلى الكمال.
ويقف الفنان فوق أحد مرتكزات العالم التشكيلي، وهو يخوض في تجاربه التشكيلية رغبة في الارتقاء بجماليات الحرف العربي عبر توظيف حدس تجريدي، تتجلى فيه بناءات حروفية بحركة نحتية لرؤية ذاتية تأخذ أشكالها المرئية في لوحات خطية تعددت أبعادها المؤثرة بمضامين قدسية.
وتمتد الحروفيات في عمق الكون الخارجي مجسدة الروح الصوفية في التعاطي مع التقنيات التشكيلية، الخالقة لأشكال بصرية غيبية ، في فلسفة تجريدية، يرى فيها التجريدي الأشياء كما لا يراها أحد.
والحدس في بناءات حروفية ليست من البساطة في شكل، فقد صاغت أشكالها ومضامينها في مختبرات تشكيلية، عناصرها الريشة واللون والخامة التي تتآلف في إنجاز بناء فني، هو نتاج لقدرة فنان يرى الأشياء بعينين مغمضتين ليتلمسها بإدراك صوفي يمنح الغيبي شكل الحدس.
الحدس هو الطريقة التي يتواصل بها العقل الباطن مع العقل الواعي من أجل التوصل إلى الحقيقة الغيبية”.
والتجربة الصوفية أنتجت مخلوقات جمالية تلتقي بأبعاد، يتسامى فيه الخط العربي إلى بصيرة تجسدها دلالات فنية لفك رموز صوفية أفرزتها ذات عقائدية اعتادت أن تمارس طقوسها في فرائض يومية تحت قبة السماوات العلا.
نظريات “فلسفة”الجمال في الفكر الديني